نداء إلى المجلس الأعلى ، ورئاسة الوزراء :
الآن نحن في زمن حصاد القمح :
ومعلوم أن أصحاب النفوس الوضيعة يترصدون لهذا المحصول بالذات ، وذلك أنهم يبنون عليهم أحلامهم تماماً كما يبنى شرفاء الوطن أحلامهم على هذا المحصول ؛ لكن الذين يبنون أحلامهم من المأجورين والمفسدين يغاير تماماً ما يبنيه الشرفاء من أحلام ، فالشرفاء يبنون أحلامهم على أن يعيش الشعب وكله اكتفاء ذاتي بحيث لا تتحكم فيه حكومات من الشرق أو من الغرب في هذه السلعة الإستراتيجية العميقة ، وكذلك ، يحلمون بأن نكون أحراراً لا عبيداً لأحد حتى ولو كان هذا الأحد دولة من الدول العربية المحيطة ، يحلمون بأن كل فرد من الشعب يستطيع أن يصله رغيف خبز نظيف خال من الأمراض والوساخات والقذارات ، وأن يكون كما كان في الماضي رغيف مشبع وبسعر يتحمله أصحاب الطبقات الدنيا في الحصول عليه ، هذا هو أمل الشرفاء .
أما امل وأحلام السارقين الفاسدين ، فيبدءون من لحظات التخزين الأولى :
وهو ما يسمى بالشون : الشونة عليها دائماً رئيس للشونة ، أو ما يسمى بالأمين ، وهو في الحقيقة ليس بأمين أبداً ، في مجموعهم ـ لصوص وفاسدين ـ اللهم إلا القليل النادر ، ولم أسمع عن هذا القليل منذ زمن بعيد ، فهؤلاء يختبرون القمح وهو داخل إلى الشونة تماماً ويتسلمونه من الفلاحين نظيفاً ، وبعد أن ينتصف الليل ، تأتى عربات نقل كبيرة إما محملة بالتراب من تنظيف المطاحن فيشترون طن التراب بخمسين جنيهاً ، ثم يبتدئون تفريغ القمح على أكياس كبيرة ثم يخلطون بها التراب طن أمام طن ، ثم يعودون في التعبئة من جديد ، وبذلك يستطيع خائن الشونة أن يحصل على ضعف العدد ( الأطنان الموجودة ) ويحصل على الفارق لنفسه حينئذ ، وهي مشكلة المشاكل ، صحيح أن غرابيل المطاحن تخرج التراب لكن ، الكمية تنقص إلى النصف وقد تحملت الحكومة دفع المال كله ، ومعنى هذا أن القمح الموجود المباع للحكومة نصف القمح المسلم للمطاحن ، ثم إمكانية إرجاع القمح مرة ثانية للطحن تحتاج إلى آليات كثيرة وتشغيل أكثر ، بما يضاعف سعر كيلو الدقيق ليصل إلى مرتين ونصف .
إذاً فهذا السارق لا يسرق الحكومة وفقط ، وإنما يسرق الشعب كله تماماً ن وإن أي مساعد له في هذا فهو مساعد له في سرقته ، ولو كان من الشرطة والأمن ، ولو كان من العمال المستأجرين وهكذا .( ومثال ذلك راجعوا شون أولاد صقر والشرقية بتمامها )
لذا فعلى المجلس الأعلى التدقيق على الشون بكافة الإجراءات وكذا مجلس رئاسة الوزراء لنعلم الموجود الفعلي ، وإن كان احتياج فكيف هو على التدقيق .
ثانياً : المرحلة الثانية : قطاع الإنتاج بدءاً من توزيع التموين أو الدقيق على المخابز ، فأنا أعلم تماماً : أن سرقات في المخابز تحدث سمع مفتشي التموين غلى هذا الوقت ، وطالما أن المفتش يحصل على حصته من الخبز اليومي مفرود ومضبوط ، وكذلك على اليومية ( الثلاثون جنيهاً ) من الفرن الواحد ، فلا يهمه أي شيء / سواء أن يخبز الفرن الراتب اليومي له من الدقيق أم يخبز النصف ويبيع النصف الآخر ( شوال دقيق الغلة ب 75 ) جنيهاً ، وشوال دقيق الذرة ( 35 جنيهاً ) وشوال الردة ب40 جنيهاً ) وهكذا وكل يوم على هذا الحال ( راجع في ذلك مخابز هرية ، المسلمية ، العدوة ، القرى النائية في الشرقية على جمعها )
لذا أهيب بالمجلس الأعلى العسكري ، ورئاسة مجلس الوزراء بمراعاة هذا الأمر ، خاصة وأن الفاسدين مازالوا غير مقتنعين بالتغيير ، مع أن رياح التغيير قد هبت ولن نعود إلى الخلف مهما كلفنا ذلك ولو حياتنا ، فلسنا أفضل ممن قدموا حياتهم فداءاً للتغيير ، وفق الله الجميع إلى ما فيه الخير للمجتمع إنه تعالى قريب مجيب للدعاء .
كما أنني أهيب بالمخلصين من رجال الأعمال أن يوظفوا أموالهم في مساندة الحكومة والمجلس الأعلى في تعمير الصحراء ، واهبب بمجلس الوزراء أن يساعد من يريد التعمير في الصحراء خاصة مجال الزراعة ، وليس زراعة أي شيء إنما النافع من المزروعات للشعب كالسلع الإستراتيجية ، ولقد سعدت كثيراً بالمشروع الذي قام به د/ أحمد بهجت من زراعة ثلاثمائة فدان قمح واليوم كان حصادهم ، هي خطوة ، وكلنا أمل أن يقوم المخلصون لله والوطن والدين بمثل هذه الأعمال ، ولا تطلبوا الجزاء من العبد ، كفى الإحساس بالفقير فإنه أفضل جزاء وأسعده ، حينما يحس به الإنسان الذي له قلب ، بارك الله في وطننا ، بارك الله في جيشنا ، بارك الله في المخلصين من حكومتنا ، بارك الله في المخلصين من شعبنا ، وكلي أمل أن يعم هذا المثال الوطن .
أد/ أبو عبد الرحمن الشرقاوي .