حينما ننظر في الوضع الحالي نجد تناقضات وإشاعات كثيرة ، منها أن الحكومة ممالئة للنظام السابق ، وذلك عبر أنها تحميه حماية لا يمكن تصديقها إلا أن يكون ما يزال رئيساً ، وزوجته لها نفس السلطات ، وأولادهما كذلك ، لكن بتغيير في الأدوار ، ومنها أن التغيير يسير ببط ويكأن الثورة لم تقم ، وويكأن النظام لم يبتعد كثيراً ، وإنما أشخاص فقط قد تغيروا بطريقة ما ، انقضى دورهم في القيادة واستبدلوا بآخرين ، وهم يكملون نفس الدور السابق لكن بطريقة أخرى ، فيها اعتبار وجود الشعب بنسبة 3% فقط ، لكن النظام السابق كان يتعامل بلا وجود للشعب مطلقاً ، وهذه النسبة لا يمكن أن تثبت ديمقراطية ولا حتى اشتراكية ، وإنما ما يزال حكم العبودية .
والبعض يقول بالمؤامرة ، وامؤامرة والتآمر أمران واضحان في كل شيء ستعدل المرتبات لكن لا شيء ، والإعلام المضلل يقول كل هذا مشروع لكن ليس وقته ، البلد تقع ، كيف ؟ ما هو دخل البلد الذي عليه يؤسس الاقتصاد :
أليست قناة السويس من الدخل العام للبلد ، أم أن دخلها تبدل من رئاسة الجمهورية غلى رئاسة الوزراء ؟
أليس لدينا فائض في البترول ؟ نصدره إلى الخارج ، فعلى من يرجع التصدير ؟
أليس نحن ممن نصدر الغاز ؟ فعلى من يعود دخل الغاز ؟
أليس لدينا عمالة في الخارج أكثر من خمسة عشر مليونا وهم يقومون بتحويل العملات الأجنبية لرفع الاقتصاد ؟
أليست الضرائب تمثا دخلاً من دخول البلد ؟
عندما قامت بعض المظاهرات في مصانع الغزل صاح الجميع الاقتصاد هيقع ؟ الحقوا العمال تركوا كل شيء .
ويقوم الإعلام والإعلاميون المضللون بتغطية الأحداث بنفس ماسوف النظام السابق ، ثم يقولون ليس هذا وقته ، أناس جوعى عطشى ، إلى متى ينتظرون ؟ حتى يحين الأجل أم يدافعون عن البقاء حتى ولو سرقوا ونهبوا وقتلوا ؟ ! أليس هذا منطق معقول ؟
ثم ما هو حال خريجي الأزهر الأوائل الذين يعتصمون منذ أكثر من أربعة أيام يطالبون بحقوقهم في التعيين بدلاً من الموالسة ، وتعيين أقارب أعضاء هيئة التدريس الذين لهم كفاءات عالية في الغش والتدليس والخداع ، وهم أنفسهم وصلوا إلى أماكنهم بنفس ما يقومون به اليوم من مساعدة الغير مستحق ، ثم ترقيته إلى الدرجات العليا عن غير استحقاق ومساعدته للوصول إلى منصب القيادة والرئاسة ، وهكذا يبقى الفساد كما هو حنى ولو تغنى وترنم هؤلاء بعملية الإصلاح ، فهي شعارات يخفون ورائها نفسياتهم الوضيعة ، وخداعهم الملوث ، ومتجارتهم بالدين إلى أبعد حد ممكن ، ولا يمكن ان تتصور ضياع الدين في مكان كما هو ضائع في الأزهر ، وبمساعدة قياداته الحالية ، لأنهم هم أنفسهم قيادات النظام السابق ، فهل تتصورون أن ينصلح الحال في ظل الفساد ؟ لا يمكن ، وإذا كانت القوات المسلحة قد غرها ما يعلنه هؤلاء من أنهم يريدون التغيير والإصلاح فهي خديعة لأن هؤلاء يجيدون الخديعة ، وإذا كانت قيادات القوات المسلحة وهي قيادات حرب لا يغرها المراوغة ، لكن غرها الخداع باسم الدين ، يبدوا أنهم لا يصدقون أن هؤلاء الملائكة الذين طنوهم كذلك يقومون بكل هذا الفساد ، وإنما من يعلن عنهم هذا يتجنى عليهم !!
لكن إلى القوات المسلحة : يامن تجيدون رفع خطط العدو وتبديل الخطط للوصول إلى النصر إعلموا أن رجالات أو قيادات الأزهر بحاجة إلى بتر ، لأمور :
أولاً : أنهم يجيدون المراوغة الكلامية ، والتحدث باسم الزهد والإصلاح وهم ليسو كذلك .
ثانياً : أنهم متآمرون على الأزهر والدين لأنهم لا هم لهم إلا الحفاظ على المكانة الدنيوية التي باعوا لأجلها الكثير من التقاليد والأعراف والقيم .
ثالثاً : أنهم ليسو إلا أشكال لكن الجواهر خالية الوطاب .
رابعاً : أنهم لا يحسنون التعامل الإداري وإنما يحسنون التعامل الشيطاني .
وسأضرب لك مثالاً لتبيين مضارب الكلام المتناقض مع الأفعال .
عميد في كلية أصول الدين ، له ابن أدخله كليته في غرة من الوقت ثم إن الولد لا يحضر المحاضرات مطلقاً ، ولا يحفظ القرآن مطلقاً ، ولا يعرف شيئاً عن أي شيء إلا أنه ابن العميد ، وقد تعالى على الطلاب بنفس الحجة ، ثم هو يأتي في الامتحان فيأتي ببعض الأذناب من أعضاء هيئة التدريس الذين يقومون بخدمته لمصالح بينهم وهي غير قانونية ، فيغير بهم النتائج ، ويغير بهم كل شيء فهم اليد الملوثة التي يستخدمها هذا العميد في الفساد العام سواء الإداري ، او التعليمي ن أو غير ذلك ، ثم يأتي بأحد هؤلاء يعطيه ورقة الأسئلة ثم يقوم هذا العضو بحل الأسئلة منظمة من الكتاب ، والولد يدخل اللجنة ثم يشخبط في الورقة أي شيء ويقوم بتسليم الورقة للجنة ويخرج ، وبعد انتهاء اللجنة وتسليم اللجان للكنترول ، يكون العميد قد أعد مسبقاً أن يكون رئيس الكنترول هو ضمن الأعضاء الذين يعملون لصالحه ، وكذا العضو القائم بالمجموعة ، وفور الانتهاء من تسليم اللجان تأتي الورقة المنظمة وتدخل إلى الكنترول وتبدل مع الورقة الفارغة ، وبهذا يحصل هذا الطالب ( ابن العميد ) على أعلى التقدير لدرجة ( امتياز مع مرتبة الشرف ) ويقوم بدخول الامتحان القبول في الدراسات العليا لمدة عامين بعدها ويرسب ، ولا يستطيع الدخول ولا الاجتياز ، ثم هاهي الدراسات العليا تعود للأقاليم مرة ثانية ، وبهذا يستطيع هذا العميد أن يفعل ما فشل في فعله في القاهرة ، وينجح الطالب ويحصل على الماجستير والدكتوراه وهو لا يعلم شيئاً ، وهذا كله باسم ( دراما ابن العميد )
ثم هذا العميد هو بذاته الذي كان عضواً في الحزب الوطني المنحل الفاسد ، والذي وبعد انتهاء الثورة قام بجمع الطلاب من الإخوان المسلمين وظل يواعدهم بعد أن ظل لأكثر من سبع سنين يتواعدهم ، ويهددهم بالاعتقال واعتقل منهم باسم الأمن عشرات وأضاع مستقبلهم ، اليوم يهادنهم ، ويذهب إلى قياداتهم في بلاد كثيرة حتى يضمن أن لا تقوم مظاهرات التطهير ضده ، وكثير من قصص وأساطير لا يمكن تصديقها ، إلا في قصص ألف فساد وفساد .
ومن صور الفساد العام :
أليس ما قام في 25 يناير هو ثورة أم ماذا ؟
هو ثورة أليس كذلك ؟ ومع هذا فإن لكل ثورة ضحايا ؟ لكن ضحايا الثورة من الشباب الثائر فقط وهذا هو الظاهر ، لكن المتسببون في الفوضى ليسو ضحايا ، وإنما سيناريو أحداثه المستقبلية متوقعة بكافة المقاييس ، لا ينفلت منها توقعاً من التوقعات إلا ويحدث ، والمشاركون ( النائب العام وأتباعه )
أنا أتصور أن الثورة تقوم للتطهير التام ، لكن المشكلة تكمن في استرداد الأموال ، والكل متشبث بهذا الأمر ، لذا يقولون يجب أن تسير المحاكمات لوقتها حتى يمكننا استرداد الأموال ، أيها الشعب العظيم ن أيها الحكومة القائمة بتسيير الأعمال ، أيها الجيش العظيم : أليس هذا استخفافاً بالعقول ؟ سرقوا ونهبوا ودمروا ، واليوم أقوم بعمل محاكمات ربما تصل إلى سنوات عديدة وأعمار مديدة لأجل أن أقوم باسترداد الأموال .
اليوم أقول لكم هم خونة ، والخائن الذي باع لا يمكن أن تكون محاكمته إلا بقتله والقصاص منه جزاء خيانته لله ورسوله ألم تسمعوا قول الله تعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ) لكن ربما أن الآية لم تتل على مسامعهم .
والحقيقة أن نضوح المسألة ووضوحها ظاهر في الاكتفاء بمعاقبهم على خيانة الأمانة بقتلهم ، وأما الأموال الأسطورية ، فلئن كان لنا فيها نصيب ستأتي من وجود حكومات ديمقراطية صحيحة لها تعاملات واضحة وصحيحة .
وفي الدعوة لأخذ القصاص من هؤلاء إنما هو تصحيح لأمرين هما الآكد ، يتفرع عنهما أمور :
الأول : ردع أهل الفساد الموجودون باسم البلطجة والاحتكار .
الثاني : تأمين الشعب على حياته والأخذ بحقه من الفاسدين ، وحينها يطبق المثل ( اضرب المربوط يخاف السايب )
فجريمة الفساد الظاهرة ، والسير على المحاكمات السرية ، هو إعطاء فرصة اكبر للفاسدين والمحتكرين الذين ما يزالون يتلاعبون بأقوات الشعب ومقدراته ليفعلوا كل شيء .
ما رأيكم في مشكلة السولار ؟ بل ما رأيكم في مشكلة الغاز ؟ بل ما رأيكم في مشكلة المحليات وفسادها ؟، والوحدات المحلية الذين هم أكثر فساداً من ذي قبل ؟ ما رأيكم في أفران الخبز المدعم الذين يسرقون الدقيق ليبيعونه في السوق السوداء ؟ ما رأيكم في فساد التعليم ؟ ما رأيكم في فساد الأزهر ؟ ما رأيكم في فساد المصالح الحكومية الذي ما يزال كما هو بكامل هيكلته ؟
أين التغيير ، بل أين الإصلاح ؟ بل أين الأمان ؟ بل أين الحرية ؟ بل أين العدالة ؟
كل ما يحدث إنما هم تدبير مترابط ، يساعد على قيامه الموجودون إما بقصد أو بغير قصد ، المهم أن المشاركة في الفساد قائمة وما تزال ، فيا شعب لا تتأثر وطالب واستميت بالمطالبة ن فإن كان لهم طاقة في الاستجابة استجابوا ن وإن لم يكن لهم طاقة فليرحلوا وليمكن الله من يصلح .
ويا حكومة : أنتم رجال تسيير أعمال فلئن أثبتم جدارة في إنقاذ الوضع الراهن كما تدعون وخرجتم بالبد إلى بر الأمان كان للشعب أن ينتخبكم من جديد لأنكم أهل لاستحقاق تلك المكانة ، وأما إذا لم تفلحوا وجررتم البلد إلى واد سحق أو هاوية مظلمة فنصيبكم ليست المحاكمات وإنما ( .........) وأخذ القصاص بلا رحمة أو هوادة .
ويا جيش مصر العظيم لا تنغروا فيمن يقومون بالخداع باسم الدين ، أو المراوغة الكلامية فهذا كله قد اعتادوه ، وإن صلاح الأمر يبدأ من صلاح القائمين على الدين ، لأنهم إن صلحوا أصلحوا ، وإن أرادوا غيروا ، وبهم يستقيم الحال ، لكن فسادهم بقاء على الفساد العام لأنهم يمثلون القدوة فأي قدوة مع المفسدين ؟!!! إن هذا لعجيب .
وإلى مقال آخر :
أد/ أبو عبد الرحمن الشرقاوي .