الاستاذ الدكتور محمد السيد شحاته
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الاستاذ الدكتور محمد السيد شحاته

لايعرف الحق بالرجال ولكن اعرف الحق تعرف اهله
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي أنتقل الي رحمة الله تعالي الي الرفيق الاعلي فضيلة الاستاذ الدكتور محمد السيد شحاته وذلك يوم الاربعاء الموافق 21/11/2012

 

 المحاضرة الأولى للفرقة الأولى كلية التربية تفهنا الأشراف بتاريخ 30 /3 / 2012

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د محمد
Admin



عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 08/02/2011

المحاضرة الأولى للفرقة الأولى كلية التربية تفهنا الأشراف بتاريخ 30 /3 / 2012 Empty
مُساهمةموضوع: المحاضرة الأولى للفرقة الأولى كلية التربية تفهنا الأشراف بتاريخ 30 /3 / 2012   المحاضرة الأولى للفرقة الأولى كلية التربية تفهنا الأشراف بتاريخ 30 /3 / 2012 Icon_minitimeالجمعة مارس 30, 2012 11:37 pm

المبحث الأول:
في أسماء العلم وثمرته، وفائدته، وموضوعه، ومسائله:
أسماء العلم ولماذا سمي بها.
ذهب العلماء إلى أن هذا العلم له أسماء كثيرة، وكثرة أسمائه تدل على رفعته وشرفه، فمن هذه الأسماء:
1-علم الكلام، وسمي بذلك لأمور: منها: أن أول مسألة ظهرت من مسائله كانت مسألة كلام الله، وقد حدث نزاع فيها بين المعتزلة القائلون بأن كلام الله حادث، وكان ذلك رداً منهم على النصارى الذاهبين إلى أن المسيح كلمة الله، وكلام الله قديم، فيكون المسيح قديماً، والقديم إله، فيصير المسيح إله، ذهب المعتزلة إلى القول بأن المسيح كلمة الله حقاً كما جاء به القرآن الكريم في سورة النساء ( إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) لكن كلام الله حادث لأنه مخلوق، ومنه أنه تعالى خلقه كما في العليقة لموسى، وخلقه في اللوح المحفوظ، وهكذا، ففي مقام الرد على النصارى تمسك المعتزلة بأن القرآن مخلوق وحادث، وحولوا المسالأة إلى ناحية سياسية بحتة، وذلك لكونهم ملكوا زمام الحكم في البلاد فمنهم الوزراء، وكذا ما تحتهم، واستقطبوا على ذلك الولاة من بني العباس كالمأمون والرشيد، والواثق وغيرهم، وهنا أصدروا فرماناً أن تدين البلاد على سعتها بمذهب أن القرآن مخلوق، ووقف من هذا المذهب الكثير من العلماء، وهنا ظهرت الفتنة، فسمع البخاري فاراً وهو يقول: اللهم اقبضني إليك غير مفتون، فمات بعدها بثلاثة أيام، وسجن عيسى بن دينار عشرين سنة، وعذب أحمد بن حنبل وحبس ومنع الحديث والتحديث مدة سبع سنين، وعذب حتى غشي عليه مرات وكادت نفسه أن تتلف، ومات في هذه المحنة محمد بن نوح تلميذ أحمد، وسئل البخاري، فقال: أما التوراة والإنجيل والزبور والقرآن فرفع يديه ونثر أصابعه الأربعة ثم قال: هذه الأربعة حادثة، وكان هذا سبب نجاته، ثم ظهرت في المسألة إلزامات كثيرة ذكرها العلماء في كتبهم وكانت من أسباب انجلاء الفتنة: منها: دخل رجل على المأمون، فقال له: تعز، فقال المأمون فيمن؟ فقال الرجل: مات القرآن، فقال المأمون: كيف؟ فقال الرجل: ألستم تقولون: إن القرآن مخلوق، وطبعاً كل مخلوق يموت، فالقرآن يموت، فما بالك إن مات القرآن في شعبان فبماذا يقوم الناس القيام في رمضان؟ ّ!! فقال المأمون: أخرجوا عني هذا المجنون، ثم جلس يكرر الإلزامين.
وانجلت المحنة بعد إصرار أحمد على القول بأن القرآن كلام الله تعالى ولا يزيد، فرفع المحنة المتوكل، فظهر الفقهاء والمحدثون، وتوراى أهل الاعتزال نوعاً ما من على الساحة السياسية.
وبناء عليه فهذه المشكلة التي امتد نارها إلى كل البيوت، وطالت كل العلماء، كانت بمثابة التأصيل لعلم الكلام الذي اهتم بهذه المسألة فيما بعد، وحدها أهل السنة بمسألة كلام الله تعالى التي قسموها إلى قسمين: كلام نفسي وهو القديم، وهو القائم باللفظ، وكلام لفظي: وعليه لا يقال مخلوق، وإنما يقال كلام الله تعالى، إذ لو قال الإنسان القرآن مخلوق لأوهم وحدث لبس كثير، ولكن يكتفى بالقول: كلام الله، ولا يبتعد عن ذلك إلا في مقام التعليم، وإلا كان فيهع إساءة أدب.
وأيضاً: سمى علم الكلام بعلم الكلام: لأن المصنفون فيه كانوا إذا أرادوا أن يبوبوا باباً في مسألة ما يقولون: الكلام في كذا، فمثلاً يقولون: الكلام في صفة القدرة، الكلام في الرؤية، وهكذا...
وأيضاً: سمى بعلم الكلام: لكثرة ما فيه من الكلام، ويقصد بالكلام هنا كلام الشخص والخصوم، وهي الشبهات الواردة من الخصوم وتحتاج إلى رد، فيصير هذا يتكلم، وهذا يتكلم، فسمى بالكلام لما يرد من الطرف والطرف الآخر.
وسمى أيضاً بعلم الكلام، بناء على أن أول من تحدث في هذه المسائل المعتزلة بطريقة الكلام، فسمو بالمتكلمين أي الذين أدخلوا الفلسفة في الدين، وكل من أدخل الفلسفة في الدين فهو متكلم، فأطلقوا على هؤلاء المتكلمين.
2-علم العقيدة: ويعنى بها أنها العلم الذي اتخذ من الأمور العقدية مسائل له يتحدث فيها لا يغادرها إلى غيرها، وهذا باعتبار تجريد علم العقيدة من مسائل الفلسفة التي طرأت عليه من فلاسفة اليونان وعلى يد أهل الاعتزال وفلاسفة الإسلام، والعقيدة يعني بها: الربط والإحكام، وعليه فالعقيدة هي الرباط الجازم المطابق للواقع الناشئ عن دليل، وذهب البعض إلى أن العقيدة: فن يقتدر معه على إثبات العقائد الإسلامية، ورد الشبهات عنها، وذهب البعض إلى أن علم العقيدة: هو العلم الحاصل من معرفة الواجبات والجائزات والمستحيلات في حق الله وحق الرسل، والتكلم في السمعيات وإيراد الأدلة العقلية والنقلية على إثباتها.
ويلاحظ أن هناك فرقاً بين العقيدة كاعتقاد، وعلم العقيدة، والفرق واضح في أن العقيدة حالة الفرد المتدين التي يتمسك بها، فعلى طريق تمسكه نقول يعتقد، أما العلم فهو نماذج، أو قوانين تظهر مسائل العقيدة وتعالجها وفق طبيعة معينة، ومن هذه المعالجات إما المعالجة عن طريق النقل فقط؛ أي القرآن والسنة والإجماع، أو على طريق العقل فقط كما ذهب إلى ذلك بعض المعتزلة والفلاسفة، أو اختلاط العقل بالنقل مع ترجيح جانب النقل، أو مزج العقل بالنقل مع ترجيح جانب العقل، وهكذا، ولذا لا يمكننا القول بأن علم العقيدة مؤثر في الاعتقاد، وإنما موصل إليه، وفرق كبير بين العلم والحالة، تماماً كالأخلاق، وعلم الأخلاق، فالفرق بينهما كبير، غير أن أحدهما هو الفعل، والثاني قوانين موصلة، لذا لا تعجب أن تجد دراساً للعقيدة ليس لديه عقيدة، لأنه امتهن العلم وأجاد فيه لكنه في ذاته لم يجد لعلمه صدى في نفسه، تماماً كمن يدرس الدين المسيحي مثلاً وهو مسلم، فلا يؤثر فيه ما يدرسه، مع أنه أجاد فيه، وقد كان من علماء المسلمين المشهود لهم بالتقى والورع والعلم من يجيد الدين النصراني، حتى أن بعض النصاري إذا عن لهم أمر كانوا يسألونه، ومع هذا لم يعتقد هذا الدين بل إنه بقي على دينه متمسكاً به كالموصلي مثلاً، وهناك من علماء النصارى من يدّرس الدين الإسلامي ويجيد فيه، وانظر إن شئت إلى المستشرقين في بلاد الغرب الذين يدرس على ايديهم طلاب بعثات الماجستير والدكتوراه المبعوثون من البلاد الإسلامية وجامعة الأزهر لأخذ الدكتوراه من الغرب فإنهم يدرسون الدين الإسلامي على يد هؤلاء، وليس معنى هذا أن المدرسين مسلمين، وإنما أجادوا الدين الإسلامي، وكذا ليس معناه أن الطلبة المسلمين يتحولون عن الإسلام لأن من يقوم بالتدريس لهم للإسلام ليس بمسلم، وهكذا، فالتدين حالة، أما امتهان العمل فحالة ثانية؛ لذا فالاعتقاد شيء، وعلم العقيدة شيء آخر؛ لكن أن أردت أن تثبت العقيدة في قلبك وتتمتع بها عن دراسة واعية مفصلة فعليك بعلم العقيدة الخالي عن الشبهات وآراء المشوشين.
3-علم التوحيد: وسمى بذلك لأنه العلم الذي يعمل على بعث التوحيد في النفوس، وأن التوحيد هو الأساس الذي بعث لأجله الرسل، وهذا العلم هو الذي أشار إلى ذلك وتبناه، خاصة وأن من صفات الله تعالى صفة التوحيد التي هي النتيجة الحقيقية للصفات السلبية، وهي القدم والبقاء، والمخالفة للحوادث، والقيام بالنفس، فتصير الذات التي اتصفت بهذه الصفات جديرة بالتفرد عما سواها، فتصير الوحدانية ديناً وعقيدة.
وذهب البعض إلى أن التسمية بعلم التوحيد لأنه يقرر التوحيد لله تعالى وإفراده بالعبادة دونما سواه، فكل ما يدور ببالك، فالله بخلاف ذلك، والتوحيد هو السمة التي اتسم بها المسلمون لأنهم لا يعددون كما النصارى القائلون بأن الله ثلاثة في ثلاثة، فهو عبارة عن أقانيم منفصلة عن بعضها البعض، فالله الآب، والله الابن، والله الروح القدس، ويفهمون اعتقادهم ودينهم على هذا الوضع، ويقولون في المهاية وهم واحد، وقد أحذ هذا الأمر خلللاً عن البعض، فاتهموا المسلمين بالتعدد أيضاً، وذلك لما حدث من مشاكل كلامية حول الصفات الإلهية، وحول الأسماء الإلهية، فحاول البعض من المسلمين أن ينزه فوقع في العدمية، وحاول البعض أن يجرد ويفرد فنفى أن يكون لله صفاتاً وأسماءاً، وهكذا، غير أن ما عليه المسلمون أن لله تعالى أسماءاً كما جاء في الحديث الشريف ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ) ووردت هذه الأسماء على الإفراد في القرآن الكريم، كما في آخر سورة الحشر، والقرآن مليئ بذلك، غير أنه يجب أن نفهم أن كثرة الأسماء لا تدل على تعدد الذات، لكن البعض أساء الفهم خاصة في مقام التنزيه المطلق فإنهم يقولون إن لله أسماء لكن اتصاله بها ليس كاتصالنا بأسماءنا، فبالغ في المسألة حتى وجدنا أنفسنا أمام أحد أمرين أحلاهما مر، إما أن نثبت الأسماء فنقع في التعدد، أو ننفي الأسماء بحجة التوحيد فنقع في العدم، وتطرق هذا إلى الصفات، وصاحب المسألة جدل كبير حتى ذهب البعض إلى نفي الصفات بحجة أن إثباتها يفضي إلى التعدد في الذات بما ينافي الوحدانية التي تميز بها الدين الإسلامي، وعليه فإنا نقول: إن توحيد الله تعالى لا يفضي إلى تعدد، وإنما إفراد المعبود بالعبادة وفي المسألة تفصيل في مظانه عند الحديث عن صفة الوحدانية، غير أن ينبغي أيضاً أن نفرق بين علم التوحيد، والتوحيد، فليس علم التوحيد هو التوحيد، إذ التوحيد الوضع القائم بالموحد، أما علم التوحيد فهو القوانين والمناهج التي وضعها العلماء للوصول إلى التوحيد أو شرح المناهج الموصلة لذلك مع إقرار الأدلة التي توصل إلى ذلك، ومع هذا فليس كل من قال إني أوحد الله موحد، أو صاحب قول بالتوحيد، وذلك لوجود كثير من الاحتمالات في ذلك، أو وجود أساليب تنقض التوحيد، منها القول بوحدة الوجود، ومنها: القول بالحلول والاتحاد، ومنها القول بالوساطة، ومنها التمسك بالمخلوقين عند إرادة مصلحة ما، ومنها الوسيلة، هذا من أوضاع التشريك مع الله تعالى، لكن لكل درجة منها الحكم الذي يلائمها، فصاحب القول بوحدة الوجود، غير القائل بالحلول والاتحاد، غير القائل بالوسيلة، غير القائم بالتشريك وهكذا.
ولربما كنت موحداً معتقداً بالتوحيد لكنك تجهل أن أسلوب الوسيلة من الشركيات، فلك حكم، أو أنك خدعك بعض المأجورين على الدين فأفتاك بحلية ما تفعل، وفي المسألة تفصيل في مظانه عند الحديث عن الولاية والأولياء.
4-علم الفقه الأكبر: وأول من أطلق عليه هذا الاسم هو الإمام أبو حنيفة النعمان، وذلك تفرقة بينه وبين علم الفقه الأصغر المعني به التكليفات والتشريعات، وسمي بالفغقه الأكبر لأن من فهمه كان قد أحاط بالأصول الدينية، بقي له تمام العمل، والعمل يأتي من فهم التكليفات والتشريعات، فبقي أن الفقه الأكبر هو العلم الموصل إلى فهم الدين فهماً صحيحاً لا تجاوز فيه، ولا مصلحة منه إلا للعبد المعتقد، وعليه كان العمل رافعاً للدرجات غير مؤثر في الاعتقاد، وسار على هذا الأئمة من الماتريدية الذين ذهبوا إلى أن العمل لا شرط ولاشطر، وإنما الإيمان هو التصديق، ولا فرق بين تصديق وتصديق إذ التصديق عمل القلب، والعمل بالتكليفات عمل الجوارج، عليه فلا يزيد الإيمان ولا ينقص عند الأحناف، وهو ما خالف فيه الشافعي واصحابه، فذهبوا إلى أن الإيمان إقرار وتصديق وعمل، وخالف في هذا الأشعري في أحد قوليه، وتفصيل المسألة في الإيمان إن شاء الله.
5-علم أصول الدين: وسمى بعلم اصول الدين وذلك لأنه يهتم بمسائل الأصول، والأصول هي: الإيمان بالله تعالى ذاتاً وصفاتاً وافعالاً، والإيمان بالملائكة التي هي رمز لعالم المجردات، والإيمان بالرسل الذين ارسلهم الله تعالى لتبليغ منا امرهم به لعباده ليرشدوهم إلى طريق الخلاص والجنة، ويزودوا بهم عن طريق النار، وأيدهم بالمعجزات التي تثبت حجتهم، وتؤكد إرسالهم، والمعجزات هي الطرق الأكيدة والأدلة الدامغة في إثبات صدق الرسول، ومنها الإيمان بالكتب التي جاء بها الرسل كدساتير منظمة لحياة البشر، ولا يمكن الجنوح عن هذه الدساتير الإلهية إلا في حالة الفوضى البشرية، وأثبت أن ما يحاول مجلس الشعب الآن فعله هو البداية الخاطئة التي ستنهي كل شيء، لأن الشعب ما اختارهم إلا ليكون شرع الله هو الحاكم، لكن اللجنة المنظمة، وعدد المنظمين، وأعضاء اللجنة، ويجب ان يكون في لجنة المائة من جميع طوائف الشعب ممثلين عنهم في صياغة الدستور، لن يفضي إلا إلى خراب ودمار، فنداء للجميع هذه اللجنة التأسيسية التي يطالب بها المجلس العسكري غير الشرعي في حكم البلاد، إنما هو تمامية سيناريوا يقاد إليه الإسلاميون رغماً عنهم، وبالتالي فلا يرون طريقاً آخر إلا السير وفق ما حددته لهم السياسة الأمريكية التي ما تزال ترسم للمجلس العسكري طريق حكم البلاد، وع استمرار حالة الفوضى التي في النهاية ستنسب إلى مجلس الشعب، فيا أعضاء مجلسي الشعب والشوري نجاحكم فخ كبير أراد المجلس العسكري ونظام مبارك أن يفقدوا أمل الشعب فيكم، فساعة أن تنهزموا سيخرجون عليكم جميعاً ويقولون: لقد أعطيناكم السلطة لكنكم لم تستطيعوا إدراة البلاد، فلتبتعدوا عن سدة الحكم وتتركونا نديرها حسبما نشاء، وهنا يقطع الأمل تماماً ولا تعودوا إلا جماعات محذورة كما كنتم في السابق، فاعلموا أن الكماشة قد نصبت لكم، فابحثوا عن الأصول ودعكم من التفاهات التي يشغلكم بها المجلس العسكري ونظام مبارك الشاذ، حتى يضيع الوقت، وبالتالي يرجع الحكم إلى ما كان عليه فانتبهوا.
ثم يكون الإيمان باليوم الآخر وما فيه من بعث وحساب وميزان، وصراط، وعقاب، وجحنة يجد فيها المحسن إحسانه، ونار يجازي فيهالا المسيء بإساءته، ثم يكون الإيمان بالقضاء والقدر حلوه ومره، خيره وشره، بمعنى إرجاع المسائل إلى الله تعالى فهو الخالق لها، ولا يعني هذا الجبر فالإنسان إن أخطأ فسئل يقول قضى الله علي ذلك وقدره فهو كاذب، لكن الله خالق والعبد كاسب، وفي المسألة تفصيل عند الحديث عن أفعال العباد.
6-عدم الجدل ورد الشبهات: وأطلق عليه هذا الاسم باعتبار أن القائمين عليه يقومون بتفصح ما يقوم به الملحدون الأشقياء، أو النصارى أو اليهود، أو حتى العلمانيين من إلقاء شبه من الممكن أن تؤثر في ضعاف العقول أو أوساط المثقفين، خاصة الذين لا يعرفون طرق الجدل أو العلوم الموصلة إلي ذلك، فيتخذون منهم غرضاً يرمى به الإسلام والمسلمون، وقديماً ظهر هذا القول عند بروز بعض أصحاب الحديث على بعض المتكلمين والفلاسفة فقالوا لهم: من معه العامة فلا يحتج لشيء من التأييد إلا تأييد الله سبحانه وتعالى، لأن العامة كثير، وهم لا يأخذون إلا بما تسطيع أن تؤثر فيهم من أي طريق سواء أكان طريق الوعظ، او طريق الشعر، أو طريق مخاطبة الوجدان، أو استثارة العواطف، أو الالتجاء نحو وعظية دينية وهكذا، وهذا كله غير مطلوب في تأسيس الاعتقاد، أو الرجوع إلى منهج سليم في الحياة، فطالما أننا اعتقدنا وسلمنا بأن للوجود رباً واحداً، وتمسكنا بهذا الاعتقاد وسبيله، وآمنت بأنك راجع إليه مهما طال الزمان أو قصر فهو المعتقد الذي عليه نحيا، فلابد أن تعرف أن أصحاب الهوى، وأهل المحن وجالبوا المحن لن يتركوك على هذا الأمر، وإنما يثيرون الشبهة تلو الأخرى حتى لا تفيق من واحدة إلا أتبعوك بالأخرى، حتى لا تجد لك سبيلاً حقيقياً لمعتقد صحيح، لذا وضع هذا العلم للرد على هذه الفينة أو الطغمة الذين إما عدوا من الخارج أي من خارج بلدك، أو من خارج دينك ومعتقدك، أو من الذين صاحبتهم الأهواء والمحن، فهم إما مخادعون أو فساق أو غيرهم، وعليه كان هذا العلم للرد على ما يثيرون من هذه الشبهات بأكثر من طريق.
ونكتفي بعرض هذه الأسماء، وإلا فإن المسألة تطول، ومعالجات هذه المسائل المشار إليها إن شاء الله ستكون في مظانها من عرض المسائل تفصيلاً، فراجعها.
ثانياً: ثمرة هذا العلم وفائدته:
سبق أن ذكرت أن هناك فرق بين العقيدة وعلم العقيدة، لكن العلم إن فهم على أساس وضعه تكون الثمرة المرجوة، وهو السعادة في العاجل، والآجل، فما الذي يتطلبه المرء في حياته التي ملئت بالكثير من الأساءات، ومحاولات الازدراء، بل ومحاولات نكسة العقل التي من خلالها يتفوق أصحاب الأهواء على أهل العقول، فيضايقونهم بما يستطيعون، وذلك لأنهم لا يريدون سلاماً أو شفاءاً للمجتمع من الآفات التي خلدوها، وتترى يحاولون تدمير أهل العقل، وهكذا، لكنا نرى من خلال هذا العلم وتعلمه أن له فائدة عظيمة وهي: الصبر على لاواء هؤلاء ومكرهم، والتاريخ يثبت هذا بما لا يدع مجالاً للشك، فليس الظالم باق مخلد، وإنما يملي الله تعاللى للظالمين حتى يظنون أنهم ليس غيرهم فيأخذهم فلا يفلتهم كما اشار إلى ذلك الهادي ، وقال الحق تعالى ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) وهنا تظهر فائدة هذا العلم في أنه يعلم الظالمين مآلهم، وأنهم مهما خلدوا في الدنيا وأملي لهم فهم إلى زوال، وكذا يعزز الاعتقاد عند المظلومين المقهورين أنهم لن يضيع حقهم سدى، إنما هم إلى رفعة وشرف، فهؤلاء في حياتهم الخلودية معززون، والظالمون في حياتهم الخلودية مقهورين عاجزين.
ثم تكون الثمرة الحقيقية في الإيمان، وهذا الأمر ليس سهلاً في الاعتقاد فدعك من الكلام، وعليك أن تحول الكلام إلى حقيقة، لأنك بهذا التحويل تنال الرفعة، وتأخذ الحق، ويتيسر لك الأمر، وقد ساق العلماء في ثمرة وفائدة علم العقيدة مساقات كثر،وقسموها إلى أقسام منها: فائدة تعود على الإنسان في العاجل، وفوائد تعود عليه في الآجل، لكن هذه المساقات كلها تخرج من تحت عباءة الإيمان، فإن اعتقدت حقاً فهذا الاعتقاد يوصلك إلى النفع كله، وإن لم تعتقد حقاً فهذا الازدراء يوصلك إلى الفساد والمحق كله فراعه.
ثالثاً: موضوعه ومسائله:اتفق العلماء على أن موضوع العلم هو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية التي تقيم بنيانه، وعليه فإن علم الكلام يقوم على البحث في ذات الله تعالى وما يوصل إلى الإيمان به تعالى، من حيث ما يجب لله تعالى وما يجوز وما يستحيل، وفي الرسل وما يجب لهم وما يجوز في حقهم، وما يستحيل عليهم، وكذا الإيمان بالقضاء والقدر، واليوم الآخر وما فيه من الغيبيات، وبذلك نرى أن علم العقيدة جل اهتمامة على الناحية العملية، فلا يترك علماً إلا وهو داخل فيه، ومعنى هذا أن علم العقيدة هو أم العلوم، واهتمامه بتربية الإنسان على الفضيلة والواجب، بتعريفه حقه ومستحقه، ولا يغني عن ذلك التفات المرء إلى باقي العلوم، لكن الواجب على الإنسان أولاً معرفة العقيدة، ثم التطرق إلى ما بعدها.
ولا نسير مع وراء قول البعض بأن علم الكلام لا فائدة فيه، ونرد عليهم بقول القائل:
عاب الكلام أناس لا خلاق لهم وما عليـــه إذا عابــــــــــــــــــوه من ضرر
ما ضر شمس الضحى في الأفق طالعة أن لا يرى ضوءها من ليس ذا بصر( )
ومن ثم فموضوع علم الكلام معرفة الواجبات والجائزات والمستحيلات، وتوثيق الإيمان كما جاء به الشارع الحكيم، ولا يغني هذا من معرفة غيره، وإنما هو بمثابة الأم الرؤوم التي تحنو على بنيها، فتعطيهم الأمان، هكذا علم العقيدة وسائر العلوم.
وبعد أن أوردنا مقدمة إجمالية في أسماء العلم، وثمرته، وموضوعه، علينا ان نذكر ما المقصود بالدليل العقلي، والدليل النقلي، وما فائدة ذلك في تأسيس علم العقيدة.

المبحث الثاني :
مسألة: الدليل العقلي والدليل النقلي وحجيتهما، وفائدتهما في مسائل الاعتقاد.
الدليل النقلي: هو الحجة النصية المأثورة عن الله تعالى أو عن رسوله  في عرض أصول الاعتقاد والإيمان به، ولذا أشار العلماء إلى الدليل بمعنى الهداية، فهو الهادي إلى الشيء المراد، ولنا أن نقول: إن الدليل النقلي أولاً هو القرآن الكريم، فمنه الاستمداد الحقيقي، وهو الأساس التشريعي، والقرآن الكريم كله متواتر لفظاً ومعنى، فهو قطعي الثبوت والورود والدلالة، وهو الذي أسس عليه علم العقيدة، أقيم عليه رد الشبهات، وانيط به الوقوف على المسلمات.
ثم تأتي السنة النبوية: وهي ما اثر عن النبي  في المسائل التي تثبت اليقين في النفس، وتطلع على اليقين في القلب، وذهب العلماء إلى أن السنة التي يبنى عليها الاعتقاد هي السنة المتواترة الصحيحة، واعتبارها حجة قطعية لا ترد، ونشأ خلاف في أحاديث الآحاد، فذهب البعض إلى أنه لا يصح الاستدلال بها في الاعتقاد، وتكفي في غير العقيدة، وذهب البعض إلى جواز الأخذ بها في الاعتقاد بمثابة التقوية والاستشهاد، وعلى كل فالذاهبون إلى المنع كان منعهم من باب أخذ الحيطة والحذر، والذاهبون إلى القبول كان بمثابة التقوية والاستشهاد، ورأيهم أيضاً أنها لا تؤخذ بمفردها وإنما تأتي للتقوية والاسترشاد فافهم.
وهناك طرف ثالث وهو الإجماع: أخذاً من قوله  لا تجتمع أمتى على ضلالة، ويردفه الاجتهاد، وهو المبني على الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وأراؤهم الثابتة التي قويت نسبتها إليهم.
والدليل النقلي بأطرافه حجة ثابتة اولى في معايير الإيمان بالعقيدة ومسائلها والاستدلال بهذا الدليل على تلك المسائل، وهناك بعض الأطراف في الاقتصار على هذا الدليل فقط دون الالتفات إلى غيره من الأدلة، وهم أهل الظاهر؛ لكني ارى أنهم ـ وهذا يكون شاذاًَ ـ إن اقتصروا على هذا الدليل فقط دون أن يكون هناك غيره فهؤلاء لا يستحقون انتمائهم إلى الدين، لأنهم يخربون لا يصلحون، ولأنهم لا يعقلون، وهذا فعل الخوارج فانظر إلى مقدار فسادهم أمام إيمانهم، أما الذين يقولون بان هذا الدليل هو الأصل، وما عداه تابع له أو مقو له، أو مؤكد على ما يقول بمثابة توارد الأدلة على مدلول واحد فيزيد من الاقتناع أو التثبيت وهكذا، فهؤلاء هو الذين فهموا نداءات الحق المتكررة ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﭼ الرعد: ٤ ﭽ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭼ ق: ٣٧ وكثير.
الدليل العقلي: وهو الحجة العقلية التي تأتي لتثبيت قضية ما أو مسألة ما من المسائل المطروحة في العقيدة أو غيرها، ويقوم الدليل العقلي على أصول منهجية قررها المناطقة أو أهل الأصول، واعتبر العلماء الدليل العقلي من أبواب الحجة في الإقناع بالمسألة المطروحة، وحين وجود دليل نقلي في المسألة يكون الاحتمام إلى الدليل العقلي من باب التأكيد والتقوية والاستشهاد، وعند عدم وجود دليل نقلي يكون الدليل له الحجة الكافية في التأييد أو الرفض، وبعض المسائل ربما يوهم فيها الدليل النقلي خاصة مع كونها من المتشابهات، فنحتاج إلى ضابط للتنزيه فلا يكون إلا مع الدليل العقلي، وهكذا...، فالأصل هو النقل، وإن لم يوجد في النقل ما يثبت، عند عدم فهم أو معرفة بالدليل النقلي ما وجدنا غير الدليل العقلي كحجة.
ومن ثم تبين فائدة الدليل النقلي والعقلي في العقيدة بانهما المرسخان المثبتان المقويان لهذه العقيدة عند الأتباع، فالدليل النقلي يقدم الاحترام والتقدير للمسألة المطروحة، ويغني عن غيره في كون الخالبق المطلع على الأمور هو الذي ثبت اركانها بكلامه، وكذا الرسول المبلغ الذي لا ينطق عن الهوى، بل أتاه الوحي من عند الله لتبليغ ما اراده الله تعالى، فهو حفي يحقق المعالم والأصول، ويثبت اركان الدين الذي ندين به، ومن غير المعقول: أن نكون مسلمين، ولدينا رسول، وندين لله رب العالمين، ولدينا دستور، وهو القرآن الكريم ثم نذهب إلى الدساتير البشرية لنأخذ منها ما يتماشى مع حياتنا، ومن المعلوم أن الفكر البشري دائماً ما يخضع للقصور، فإذا كان الفكر البشري المنظم للدستور هو الذي له الريادة والحكم في البلاد، مع اننا مسلمين ولنا القرآن الكريم دستوراً، أحكمه الله تعالي ليتماشي مع مصالح العباد، للالتزام به ديناً وشريعة ، وحكماً وقضاءاً وأخلاقاً ومعاملات، وحدود، وأيما إنسان أو دولة دانت بالإسلام والتمست التشريع في غير ما انزل الله تعالى فقد كتب الله عليها الوهن وةالضعف والخزي والضلال، فحذار ثم حذار مما يفعله المتآمرون بالدين سواء انتسبوا غليه او انتسبوا غلى فرق كالعلمانية الوضيعة، او الليبرالية الآفنة، أو الديمقراطية العفنة، أو البرجوازية الآثمة، أو الاشتراكية الكاذبة، أو البرجماتية المضللة، كل هذه الفلسفات داعية إلى الاشمئزاز من الدين والتديم، وراعيها هم اليهود والنصارى والملحدون واصحاب الهوى والشهوات، لذا فالعقيدة الإسلامية تقوم على محوري النقل والعقل، وبهما يلتمس الإنسان الصلاح في الحال، والسعادة في المآل، وبهذا تكون فائدة الدليل النقلي والدليل العقلي في كونهما الحجة الراسخة لبيان معالم الدين الصالح لقيادة البشرية في كافة السنين والأعوام، وفي كل الأحوال، ومع جميع الفلسفات، وكذا لتقرير مسائل الاعتقاد الذي يبنى عليها علم العقيدة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://drshehata.yoo7.com
 
المحاضرة الأولى للفرقة الأولى كلية التربية تفهنا الأشراف بتاريخ 30 /3 / 2012
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المحاضرة الثالثة للفرقة الأولى ، كلية التربية تفهنا الأشراف.
» المحاضرة الحادية عشرة للفرقة الأولى كلية التربية تفهنا الأشراف
» المحاضرة السادسة لطلاب الفرقة الأولى كلية التربية تفهنا الأشراف
» المحاضرة الثانية للفرقة الأولى بكلية التربية تفهنا الأشراف بتاريه 30 / 3 / 2012م
» أسماء الطلاب الذين تقدموا بالأبحاث المنوطة بهم من كلية التربية تفهنا ، الفرقة الأولى بتاريخ 3/4/2012

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الاستاذ الدكتور محمد السيد شحاته :: قسم خاص بكلية التربية تفهنا الأشراف :: محاضرات-
انتقل الى: