هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الاستاذ الدكتور محمد السيد شحاته
لايعرف الحق بالرجال ولكن اعرف الحق تعرف اهله
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
أنتقل الي رحمة الله تعالي الي الرفيق الاعلي فضيلة الاستاذ الدكتور محمد السيد شحاته وذلك يوم الاربعاء الموافق 21/11/2012
موضوع: بعضاً من كتاب محاضرات في العقيدة ومبادئ الأخلاق السبت أبريل 07, 2012 1:41 am
منشأ ضلال القدریة والجبریّة: قال ابن أبي العز الحنفي: "ومنشأ الضلال من التسوية بين المشيئة والإرادة وبين المحبة والرضا، فسوى بينهما الجبرية والقدرية، ثم اختلفوا، فقالت الجبرية: الكون كله بقضائه وقدره، فيكون محبوباً مرضياً، وقالت القدرية النفاة: ليست المعاصي محبوبة لله، ولا مرضية له، فليست مقدرة ولا مقضية، فهي خارجة عن مشيئته وخلقه؛ وقد دلّ على الفرق بين المشيئة والمحبة الكتاب والسنة والفطرة الصحيحة". مناقشة الجبریّة والقدریّة إجمالاً: يقول ابن أبي العز الحنفي في معرض رده على هؤلاء وهؤلاء: "وهدى الله المؤمنين أهل السنة لما اخلفوا فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم؛ فكلّ دليل صحيح يقيمه الجبري فإنما يدل على أن الله خالق كل شيء، وأنه على كل شيء قدير، وأن أفعال العباد من جملة مخلوقاته، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا يدلّ على أن العبد ليس بفاعلٍ في الحقيقة، ولا مريد ولا مختار، وأن حركاته الاختيارية بمترلة حركة المرتعش وهبوب الرياح وحركات الأشجار؛ وكل دليل صحيح يقيمه القدري فإنما يدلّ على أن العبد فاعل لفعله حقيقةً، وأنه مريد له مختار له حقيقة، وأن إضافته ونسبته إليه إضافة حق، ولا يدلّ على أنه غير مقدورٍ لله تعالى، وأنه واقع بغير مشيئته وقدرته. فإذا ضممت ما مع كل طائفة منهما من الحق إلى حق الأخرى فإنما يدلُّ ذلك على ما دلَّ عليه القرآن وسائر كتب الله المترلة من عموم قدرة الله ومشيئته لجميع ما في الكون من الأعيان والأفعال، وأن العباد فاعلون لأفعالهم حقيقةً، وأنه يستوجبون عليها المدح والذم. وهذا هو الواقع في نفس الأمر، فإن أدّلة الحق لا تتعارض، والحق يصدق بعضه بعضاً، وسبق الحديث عن هذا فارجع إليه، وذلك عند ذكر أدلة الفريقين؛ غير أا تتكافأ وتتساقط، ويستفاد من دليل كل فريقٍ بطلان قول الآخرين". محاورة أھل السنة للقدریّة: ١-وقف أعرابي على حلقة فيها عمرو بن عبيد، فقال: يا هؤلاء، إن ناقتي سرقت فادعوا الله أن يردها علي، فقال عمرو بن عبيد: اللهم إنك لم ترد أن تسرق ناقته فسرقت فارددها عليه، فقال PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com ٥١ محاضرات في العقیدة ومبادئ الأخلاق الأعرابي: لا حاجة لي في دعائك، قال: ولم؟ قال: أخاف كما أراد أن لا تسرق فسرقت، أن يريد رد١ه ٥ا فلا ترد. ٢-وقال رجل لأبي عصام القسطلاني: أرأيت إن منعني الهدى وأوردني الضلال، ثم عذّبني، أيكون منصفاً؟! فقال له أبو عصام: إن يكن الهدى شيئاً هو له، فله أن يعطيه من يشاء ويمنعه من يشاء. ٣-ودخل القاضي عبد الجبار الهمذاني أحد شيوخ المعتزلة على الصاحب ابن عباد، وعنده أبو إسحاق الإسفراييني أحد أئمة السنة ، فلما رأى الأستاذ قال: سبحان من تتره عن الفحشاء، فقال الأستاذ فوراً: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء، فقال القاضي: أيشاء ربنا أن يعصى؟! قال الأستاذ: أيعصى ربنا قهراً؟! فقال القاضي: أرأيت إن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إليّ أم أساء؟! فقال الأستاذ: إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو له فهو يختص برحمته من يشاء؛ فبهت القاضي عبد الجبار. ٤-بلغ هشام بن عبد الملك أن رجلاً قد ظهر يقول بالقدر، وقد أغوى خلقاً كثيراً، فبعث إليه هشام فأحضره، فقال: ما هذا الذي بلغني عنك؟ قال: وما هو؟ قال: تقول: إن الله لم يقدر على خلق الشر؟ قال: بذلك أقول، فأحضر من شئت يحاجني فيه، فإن غلبته بالحجة والبيان علمت أني على الحق، وإن غلبني بالحجة فاضرب عنقي؛ قال: فبعث هشام إلى الأوزاعي فأحضره لمناظرته، فقال له الأوزاعي: إن شئت سألتك عن واحدة، وإن شئت عن ثلاث، وإن شئت عن أربع؟ فقال: سل عما بدا لك، قال هل تعلم أنه قضى على ما ى؟ قال: ليس عندي في هذا شيء، فقلت: U الأوزاعي: أخبرني عن الله يا أمير المؤمنين، هذه واحدة؛ ثم قلت له: أخبرني: هل تعلم أن الله حال دون ما أمر؟ قال: هذه أشد من الأولى، فقلت: يا أمير المؤمنين، هذه اثنتان؛ ثم قلت له: هل تعلم أن الله أعان على ما حرم؟ قال: هذه أشد من الأولى والثانية، فقلت: يا أمير المؤمنين، هذه ثلاث قد حلّ ا ضرب عنقه؛ فأمر به هشام فضربت عنقه؛ ثم قال للأوزاعي: يا أبا عمرو، فسر لنا هذه المسائل، قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ سألته: هل يعلم أن الله قضى على ما ى؟ ى آدم عن أكل الشجرة ثم قضى عليه بأكلها؛ وسألته: هل يعلم أن الله حال دون ما أمر؟ أمر إبليس بالسجود لآدم، ثم حال بينه وبين السجود؛ وسألته: هل يعلم أن الله أعان على ما حرم؟ حرم الميتة والدم، ثم أعاننا على أكله في وقت الاضطرار إليه؛ قال هشام: والرابعة ما هي يا أبا عمرو؟ قال: كنت أقول: مشيئتك مع الله أم دون الله؟ فإن قال: مع الله فقد اتخذ مع الله شريكاً، أو قال: دون الله، فقد انفرد بالربوبية، فأيهما أجابني فقد حلّ ضرب عنقه ا، قال هشام: حياة الخلق وقوام الدين بالعلماء. المحاضرة الخامسة : النبوات مفھوم النبي في اللغة والاصطلاح مفھوم النبي في اللغة: PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com ٥٢ محاضرات في العقیدة ومبادئ الأخلاق المتتبع لما قاله أصحاب المعاجم فإنه يرى أن لفظ النبي يرجع إلى عدة معان: ٥٢ أولاً: يطلق لفظ النبي ويراد به الخبر، فالنبي منبئ عن الحق وهو فعيل بمعنى مفعل. ثانياً: يطلق اللفظ ويراد به الإمساك، فالنبي ممسك عن شئ لشئ. ثالثاً: يطلق اللفظ ويراد به كل ما علا وارتفع، فالنبي قد ارتفعت هامته حساً على الخلق جميعاً، وارتفع مكانه عقلاً على الخلق أجمعين. رابعاً: يطلق اللفظ ويراد به المطلع، فالنبي قد أطلع على الخلق بأمور لم يعرفوها. خامساً: يطلق اللفظ ويراد به الطريق، فالنبي طريق موصل إلى الحق تعالى. وذكر بعض اللغويين اعتبارين للقياس وهما: الاعتبار الأول: النبي بالتخفیف. الاعتبار الثاني: النبي بالھمز. والأكثرية على التخفيف لا لأن القياس يلحق التخفيف دون التشديد بالهمز، كلا، وإنما لأن المسالة لا تنبر r حين ناداه رجل قائلاً: يا نبيئ الله، فقال له الرسول r راجعة إلى أمر واضح من الرسول باسمى إنما انا نبي الله. وأرى أن لغة التشديد لغة تفيد العموم في اللفظ بمعنى أننا نقول تنبأ مسليمة، وتنبأت سجاح، وتنبأ المتنبئون، غير أن العموم لغير مراد إنما المراد التخصيص، والتخصيص لاحق للفظ النبي بالتخفيف. هذا والمعلوم لدينا أنه لا يمكن وصف غير النبي بالنبوة، وإنما يوصف بالتنبأ؛ لذا كان التخصيص أولى في الوصف من التعميم، وهذا هو ما أراه وأوقن به. والحقيقة أن العلماء من الأشاعرة وغيرهم قد تمسكوا بعدة اشتقاقات، وهي المرادة عند اللغويين وهي: ١-النبي بمعنى المنبئ أي المخبر عن الله تعالى. ٢-النبي بمعني المرتفع. ٣-النبي بمعنى الطريق. وقد ذكر هذا الإيجي بالقول:"إن لفظ النبي منقول في العرف عن مسماه اللغوي وله اشتقاقات كثيرة منها: أولاً:قيل إنه مشتق من النبأ، أي الخبر، فهو مأخوذ من نبأ بمعني خبر، والنبأ بمعني الخبر، والأنباء الأخبار." وهي فعيل بمعني فاعل، وإن كان ابن منظور كما سبق القول يري أا فعيل بمعني مفعل، فنبي بمعني منبأ، كأليم بمعني مؤلم، ونذير بمعني منذر وإتياا بمعني فاعل للمبالغة، وحقق هذا القول الرازي في مفاتيح الغيب وأيده."،وبه قال صاحب المطالع." ومعني هذا إلحاق الهمز للنبي فتكون مهموزة، ويمكن القول بأا نبأ، وقال ابن منظور إن النبي بالهمزة لغة رديئة وذلك لقلة استعمالها، PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com ٥٣ محاضرات في العقیدة ومبادئ الأخلاق علي رجل ناداه قائلاً:يا نبئ الله،فقال له:لا تنبر باسمي،فإنما ٣أن ٥ا r واستشهد علي ذلك باعتراض النبي نبي الله." والاتفاق على أن النبي من الإنباء صحيح في اللغة فهو المنبأ عن الله تعالي، وعليه كان ابن الهمام."وحققه ابن قطلوبغا." وإليه مال أكثر الأشاعرة علي ما قاله السعد في المقاصد، ومن حيث النظرة الأولي أري أن الاشتقاق صريح وجائز الإطلاق؛ لكن لا يمكن أخذه علي وصف الخصوص أو سمة الخصوص، في التعريف لأن الإخبار وصف يروح ويأتي، وليس له مطلق الثبات، أما النبوة فثباا لمن اتصف ا ضروري، فهي وصف لا ينقطع، فإن صح اشتقاق اللفظ لهذا المعني فعلي اعتبار جوازه لا علي تحقيقه. وهذا يفيدنا بأن للنبي سمة خاصة مرتبطة به سواء تحقق الإخبار والإعلان أم لا؟ فوصف النبي باق، أنه لا يمكن جعل الإخبار فقط سمة هذا الوصف،هذا من حيث العموم مع أنه صحيح في الاشتقاق لغوياً؛ لكنه لم يعط المعني المراد كاملاً، من حيث الخصوص هنا كان لابد من النظر في وصف آخر الصق منه باللفظ يمكن تجليته والوصول إلى ترابط دقيق في المسألة والوصف. ثانياً: ذهب بعض العلماء أنه يصح اشتقاق النبي من النبوة أو النباوة، وهو ما ارتفع وعلا من الأرض يقال: نبا الشئ إذا ارتفع وظهر وبان."وتطلق العرب لفظ النبي علي علم من أعلام الأرض التي يهتدي ا، والمناسبة بين لفظ النبي والمعني اللغوي أن النبي ذو رفعة وقدر عظيم في الدنيا والآخرة، فالأنبياء هم أشرف الخلق وهم الأعلام التي يهتدي ا الناس فتصلح دنياهم وأخراهم؛ لكن عموم الارتفاع فقط لا يكفي للوصف بالنبوة فيجب أن يلحق ا اللفظ الوصف وصف آخر أولى بالدقة منه في التعبير عن النبي. ثالثاً: ويري بعض العلماء أن النبي مشتق من النبي بمعني الطريق، وذلك لكون النبي طريق موصل إلي الحق تعالي، وفي معاجم اللغة يقولون:إن النبي هو الطريق، كما يقول الكسائي وغيره، فيقال للنبي والأنبياء؛ لكوم طرق الهداية إليه تعالي." وأري أن هذا الاشتقاق له صلة وثيقة بالنبي إذ يحقق نوعاً من التمايز عاماً، والتصاقه بالنبي أجدر من غيره في الناحية الفردية فقط، ولئن ذهب البعض إلى اعتبار نوع من هذه الأوصاف، فإن هذا الاعتبار عندي ضعيف، إذ وصف النبوة يجب أن يتحقق فيه كمال الوصف لدقة المعنى، وقد كان البخاريين من الحنفية على دقة تامة ذا النحو فقال قائلهم " والنبي درجة من درجات القرب إلي الله ا يجاب التبليغ" وعلى هذا فأحد هذه الإشتقاقات لا يكفي في النظرة بمفرده بل يجب أن تجمع هذه الاشتقاقات؛ لتكون دلالة حقيقية ذات مغزى ومعني، فيتحقق من