لا تنساقوا وراء مسمى الحوار
فلسفة جديدة يستخدمها أصحاب الأهواء والمصالح الذين هم جاسمون على رقاب الشعب المصري ، هي فلسفة الحوار ، بأي منطق يفرض الحوار وفي أي شيء ، تعالو معي نتفقد هؤلاء الداعين إلى الحوار :
أولاً : حوار في هل يجوز أن نحاكم مبارك أم لا ؟ وفلول نظامه أم لا ؟
ثانياً : حوار في استرداد الأموال المنهوبة أم لا ؟
ثالثاً : حوار في شفافية مرتبات القيادات العليا ؟
هل في هذه الأمور يمكن أن نستخدم لفظ الحوار أو فلسفة الحوار ؟ أم أن اللفظة توضع في غير محلها فيجب أن تبدل كلمة الحوار لأننا نستخدمها في غير محلها تماماً .
ولذلك وجدنا القيادات والنظام الحاكم السابق قد أفاض في استخدام هذه الكلمة ، فابتدأ في استخدامها عمر سليمان بأمر من مبارك ، ثم سرت في المجتمع سريان النار في الهشيم ، فاستخدمتها الأحزاب المتصارعة على النحو السياسي في جمع الشتات أو ركوب الموجة ـ كما يقولون ـ ولذا سرت اللفظة يروج لها الإعلان ويكأننا في حروب طواحن وفتن بيئية كبيرة ، وبناء على هذا النحو يجب أن تسأل النيابة العامة المجرمين في حوار هل يمكن أن نسجنكم أم لا ؟ دفعاً إلى الحوار ، ويجب على جهاز الشرطة أن يسأل المجرمين في مرحلة للحوار هل يمكن أن نسألكم أم لا ؟ وعلى القاضي ان يسأل المذنب أيمكن أن أحكم عليك أم لا ، هل يا عقلاء يمكن أن يدخل الحوار في هذه الأمور أم لا ؟
ولذا سرت في المجتمع بمساعدة وسائل الإعلام هذه الكلمة ( الحوار ) فأصبحت كلمة جوفاء لا معنى لها إلا أن يكون المقصود تمييع المسائل ، وإعطاء الفرصة تلو الأخرى لأصحاب الأهواء والمنافع المصلحية أن يظلوا في أماكنهم وهم فسدة ، ثم يمارسون الحوار ، ويكأن الديمقراطية لم توضع إلا لهم ، فهم في مناصبهم ، يحافظون عليها تحت مسمى الحوار ، خذ مثلاً :
عميد كلية ، او رئيس جامعة أو حتى رئيس حكومة ، يفتح الحوار مع مخالفيه في أي شئ يفتح الحوار ؟ هل يفتح الحوار في مسلفات الفساد المتستر عليها لكي يضع العقاب الملائم لكل من يصدر حوله فساد ؟ أم يفتح الحوار حول وجوده وعدمه في منصبه ؟ فتعالى معي نفتح المسألة بصورة أوضح ونقول :
مثلاً : رئيس جامعة عين في ظل النظام السابق بطرق معينة دخلتها الأهواء والمنافع المصلحية ، وهو ليس كفؤ لهذا المنصب ، وإنما لأجل أمن الدولة ، ومصالح الدولة العليا كما كانوا يقولون ، ولأجل أنه يحمي النظام السيئ الرديء ، ولأجل أنه صاحب هوى ودفع مال ، فدفع لمن يقدره على الوصول للمنصب ، ووصل إليه ، ثم قامت الثورة كما رأينا ـ وانطلقت الآراء بأن يعود الحق إلى نصابه ، أيمكن لهذا الذي عين في منصبه دون استحقاق أن يترك منصبه هذا بالحوار ؟ !!! أم أن المعقول أنه يريد أن يبقي في منصبه الذي ناله عن غير استحقاق بالحوار ؟ أيهما هو الواقع في ظل الأحداث الجارية ؟ لا شك ان الجواب هو أنه يبقى في منصبه ويكون رئيساً كما هو ، ثم يدعوا الناس للحوار ، فإذا ما انتهى إلى شيء افتعل شيئاً آخر لبقائه في منصبه حتى يستطيع أن يجمع أكبر قدر في مدته ، وإذا قربت من الانتهاء مدته ، يكون قد نال كل مآربه ، وهذا هو الحوار ، وما فعل الشاويش على عبد الله صالح إلا من هذا المنطلق الأجوف ، وما سقوط الشهداء كل يوم في البلدان العربية كليبيا وسوريا واليمن والبحرين ومصر ، إلا وجميع الرؤساء وجميع الحكومات منطقهم واحد هو الحوار ، وما فعل اليهود بغزة واهلها إلا باسم الحوار ، هيا نجلس على طاولة الحوار ، ومن يدير الحوار إذن ؟ لا نعلم .
فيا ايها المصريون جميعاً :
لقد صارت كلمة الحوار كلمة فضفاضة جوفاء من المعنى ، يجب أن تحدد ، وأول تحديد هو أن الحوار لا يصلح في مسائل الإصلاح ، فمثلاً جامعة تنهار لا يصح فيها الحوار ، وإنما يصح الإصلاح ، مثلاً جمهورية تنهار لا يجوز فيها الحوار وإنما الإصلاح ، وآليات الإصلاح ، والطرق المستخدمة لذلك ، أما في المناهج العلمية مثلاً ، والمسائل العلمية ، لتقريب وجهات النظر يكون الحوار ، فليس الحوار في كل شيء ، وإنما الحوار فيما هو من شأنه أن يوضع على طاولة الحوار ، أما غير هذا فالكلمة استخدامها في غير محلها ...
فيا ايها الداعون للحوار في كل شيء والمستخدمون للكلمة في دعواتكم ، كفى استفزازاً للناس ، وكفى منهج أنكم الصواب والكل خطا ، كفى فالكل يعلم أنكم مداهنون خادعون ، والكل يعلم هويتكم وطويتكم ، لكن لا يردون أن يجرحوكم ، فنظراً لحياء الناس لا تستغلوه أسوأ استغلال ، وإنما انتبهوا فيوم الفضيحة آت لا محالة ، ويومها لن ينفعكم أو يجديكم الحوار ...... ونكمل المسألة في وقت قريب .
أد/ أبو عبد الرحمن الشرقاوي .